s

١٨.منزله القلب القمريه

المنزلة القمرية الثامنة عشرة تُعرف باسم القلب، وهي جزء من المنازل القمرية الثمانية والعشرين التي تمثل تقسيمات في حركة القمر على مدار الشهر. استخدم العرب القدماء هذه المنازل لتحديد الأحوال الجوية والفصول الزراعية، وأيضًا للاستدلال على أوقات الزراعة والحصاد. يقع القلب في منتصف برج العقرب، ويعد من أهم المنازل القمرية لارتباطه بتحولات جوية وموسمية هامة.

1. موقع وتوقيت منزلة القلب

منزلة القلب هي الثامنة عشرة من منازل القمر، وتقع تحديداً عند قلب برج العقرب، حيث يمر القمر بنجم لامع يُعرف باسم قلب العقرب، ويُعتبر من ألمع النجوم في كوكبة العقرب. تبدأ هذه المنزلة عند مرور القمر بهذه المنطقة من السماء، وتستمر ليوم تقريباً خلال كل شهر قمري. تتكرر منزلة القلب في كل دورة قمرية، وتربط بفترة زمنية محددة تقع غالباً في منتصف شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، حيث يبدأ فيها موسم الشتاء بشكل فعلي، ويصبح الجو بارداً في معظم المناطق.

2. الخصائص الجوية لمنزلة القلب

تعد منزلة القلب من المنازل التي تميزها برودة الطقس وزيادة احتمالات هطول الأمطار، حيث تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض بوضوح، خاصة في الليل، مما يُنذر بقدوم الشتاء البارد. كما قد تهب فيها رياح شمالية باردة في بعض المناطق، وتكثر السحب وتزداد فرص هطول الأمطار. يُعتبر هذا الطقس مناسباً لتهيئة الأرض للزراعة الشتوية وزراعة الحبوب والخضروات الشتوية.

3. تأثير منزلة القلب على الزراعة والأنشطة الزراعية

لطالما استرشد العرب القدماء بمنزلة القلب لتنظيم أعمالهم الزراعية، حيث تعتبر هذه المنزلة دليلاً على بدء الشتاء، وتُعطي إشارة واضحة لزراعة بعض المحاصيل الشتوية. ومن الأنشطة الزراعية المرتبطة بمنزلة القلب:

بداية زراعة الحبوب: مثل القمح والشعير، حيث أن برودة الطقس ورطوبة الأرض نتيجة الأمطار تسهمان في إنجاح زراعة هذه المحاصيل.

غرس الأشجار المثمرة: كأشجار الزيتون والرمان، حيث أن توقيت هذه المنزلة يكون مناسباً لتجذير الأشجار قبل قدوم الصقيع.

جمع المحاصيل المتأخرة: كجمع البلح والزيتون، حيث أن هذا الوقت يساعد في إتمام نضج بعض الثمار قبل دخول البرودة الشديدة.

بشكل عام، تُعطي منزلة القلب إشارة للمزارعين بالاستعداد لفصل الشتاء والقيام بأعمال الزراعة التي تحتاج إلى جو معتدل أو بارد.

4. القلب في الثقافة الشعبية

في الثقافة العربية، ارتبطت منزلة القلب بمجموعة من الأمثال والحكم التي تعكس سمات هذا الوقت من العام. ومن أشهر الأمثال المتعلقة بالقلب:

“القلب طير الحب”، ويقصد به أنه وقت تتغير فيه الأحوال الجوية بسرعة، وتبدأ الرياح بالهبوب القوي.

“القلب يدخل الشتا ويقرب الفراش”؛ حيث يوضح هذا المثل أن منزلة القلب تمثل بداية الشتاء، وتحث الناس على الاستعداد للبرد.

“القلب مبدأ العزم وطيب الحزم”؛ إشارة إلى بداية الحاجة للاستعداد للطقس البارد واتخاذ التدابير اللازمة لتحمل البرد.

5. استخدام القلب في الفلك التقليدي

كان العرب يعتمدون على منازل القمر ومنها القلب لتنظيم حياتهم اليومية وتحديد مواعيد أنشطتهم. وقد كان لهذه المنزلة دور كبير في فهم التحولات المناخية، حيث تمثل فترة انتقالية من الخريف إلى الشتاء، مما يساعدهم في ترتيب أعمالهم الزراعية والتحضير للطقس البارد القادم. كما كانت منزلة القلب تعتبر مؤشراً لتغير المناخ وزيادة برودة الطقس، مما يُسهم في استعدادهم لفصل الشتاء.

6. أهمية القلب في الفلك الإسلامي

في التراث الفلكي الإسلامي، كانت منازل القمر، ومن ضمنها القلب، جزءاً من نظام لتحديد الأيام والشهور القمرية، حيث تعطي دقة في قياس الزمن وتحديد التغيرات الموسمية. واستُخدمت هذه المنازل القمرية أيضًا في حساب الأوقات الزراعية المناسبة في الدول الإسلامية المختلفة. فعند حلول القلب، كان الناس يعرفون أن الشتاء قد بدأ وأن الوقت قد حان للاستعداد له.

7. ارتباط القلب بالنجم “قلب العقرب”

يُعد “قلب العقرب” من النجوم اللامعة في برج العقرب، واسمه يدل على موقعه في منتصف الكوكبة، وهو نجم لامع يميل لونه إلى الحمرة، ويُعتبر علامة مميزة تسهل التعرف على برج العقرب. كان هذا النجم يلعب دوراً هاماً في الفلك القديم، حيث أن رؤيته تُشير إلى دخول منزلة القلب، مما يُسهل على الناس تمييز وقت هذه المنزلة القمرية. وبهذا، كان قلب العقرب بمثابة مرجع لتحديد بدايات ونهايات بعض منازل القمر.

باختصار، منزلة القلب تعد من أهم المنازل القمرية التي تُشير إلى بداية الشتاء وبرودة الطقس، وتلعب دوراً في تحفيز الناس للاستعداد للأجواء الباردة وتهيئة الأرض للزراعة الشتوية. تعكس القلب أهمية منازل القمر في تنظيم الحياة الموسمية وتعزيز الارتباط بالطبيعة والفصول.