المنزلة القمرية السادسة عشر هي الزباني، وهي إحدى منازل القمر الثمانية والعشرين التي اعتمد عليها العرب في تتبع حركة القمر عبر السماء لتحديد الأيام والمواسم الزراعية، ومعرفة الأوقات المثلى للصيد والرعي. و”الزباني” مشتقة من كلمة “الزبانة”، التي تدل على المخالب، في إشارة إلى موقع هذه المنزلة بين ميزان برج العقرب.

1. تحديد الموقع والوقت
تقع منزلة الزباني في برج الميزان بين 12 و24 درجة منه، وتحديدًا قرب نهايته وقرب بداية برج العقرب. تبدأ هذه المنزلة عند مرور القمر بهذا الجزء من السماء، وتستمر لمدة يوم تقريباً في كل شهر قمري، وهذا يجعلها ترتبط بفترة معينة تتكرر في كل شهر قمري. كما أنها تسبق بداية فصل الشتاء بفترة قصيرة في التقويم الزراعي العربي.
التوقيت
غالبًا ما تتوافق الزباني مع النصف الثاني من شهر تشرين الأول (أكتوبر)، مما يجعلها مرتبطة بموسم الخريف في المناطق ذات المناخات المعتدلة.
2. الخصائص الجوية لمنازلة الزباني
تشير الزباني إلى فترة يكون فيها الجو غالباً غير مستقر؛ إذ يبدأ البرد بالظهور تدريجياً، وتكثر فيها الرياح، مما يجعل الطقس بارداً بعض الشيء خاصة في الليل. تبدأ في هذه المنزلة تحولات جوية تُنذر بقرب الشتاء، وقد يتوقع فيها هطول الأمطار في بعض المناطق.
3. تأثير الزباني على الزراعة والأنشطة الزراعية
كان العرب يعتمدون على منازل القمر ومنها الزباني لتوجيه أعمالهم الزراعية وتحديد المواعيد المناسبة للزراعة والحصاد. في الزباني، كان ينصح المزارعون بتجنب زراعة بعض المحاصيل الحساسة للبرودة، والاهتمام بحصاد محاصيل الخريف مثل الزيتون والبلح في المناطق التي تزرعها. كما تعتبر هذه الفترة مناسبة للتحضير للزراعة الشتوية، مثل حرث الأراضي وتجهيزها للزراعة الشتوية.
4. الزباني في الثقافة الشعبية
ترتبط الزباني بعدة أمثال شعبية قديمة في الثقافة العربية، تعكس سماتها الجوية والموسمية. كانت هذه الأمثال تُستخدم لتوصيل الخبرة والمعرفة بشأن حالة الطقس ومواعيد الزراعة والرعي. على سبيل المثال:
“إذا دخلت الزباني هبَّت الرياح وزانت الأثواب”، إشارة إلى أن الزباني تأتي برياح باردة وبداية الحاجة للملابس الثقيلة.
“الزباني تشدّ الهول وتجمع القول”، في إشارة إلى التحول الواضح في الطقس وقرب دخول موسم الأمطار.
5. استخدام الزباني في الفلك التقليدي
كان القدماء يعتمدون على منازل القمر مثل الزباني لتنظيم حياتهم، حيث تمثل هذه المنازل تتابعاً دقيقاً في السماء يساعدهم على قياس الزمن بشكل منتظم، وتحديد الفصول وحالة الطقس، بل وكانت تُستخدم لتحديد مواعيد الهجرة للرعاة، وكذلك مواسم الصيد البحري.
باختصار، تعتبر الزباني من المنازل القمرية المهمة في النظام الفلكي العربي القديم، إذ تعكس معالم تحول المناخ وتهيئة الأرض لأعمال الموسم الزراعي المقبل.