المنزلة القمرية الحادية عشرة هي منزلة “الزبرة”
، وهي جزء من التقويم القمري الذي قسّمه العرب القدماء إلى 28 منزلة قمرية، لكل واحدة منها دلالاتها وتأثيراتها المرتبطة بتغيرات الطقس والزراعة والفلك والتنبؤات العامة. وتعتبر “الزبرة” إحدى هذه المنازل التي تلعب دورًا مهمًا في التقويم العربي القديم، وتقع في الفترة ما بين نهاية برج الأسد وبداية برج العذراء.

تحديد الزبرة
تظهر منزلة الزبرة في السماء عندما يتوسط القمر كوكبة الأسد، وهي تأتي بعد منزلة الهقعة وقبل منزلة الصرفة. ويقال إن هذه المنزلة تبدأ في منتصف أغسطس تقريبًا، وتمتد لعدة أيام قليلة. وأصل تسمية “الزبرة” يعود إلى اللغة العربية القديمة التي تشير فيها إلى “الشدة” و”الحزم”، مما قد يدل على خصائص هذه الفترة وتأثيراتها على البيئة والحياة اليومية.
الزراعة في فترة الزبرة
تعتبر الزبرة من الفترات الهامة في الزراعة، حيث تتصف هذه الأيام بحرارتها العالية التي تناسب بعض أنواع المحاصيل مثل البلح والنخيل. في هذه الفترة، يكون الجو جافًا إلى حد ما، مما يساعد على نضوج الفاكهة وبدء جني المحاصيل الصيفية. كما أن مزارعي القدماء كانوا يعتبرون هذه المنزلة مناسبة لتحضير الأرض لزراعة محاصيل الشتاء مثل القمح والشعير، بعد انتهاء الحر الشديد.
التغيرات الجوية
خلال هذه المنزلة، تتقلص فترة الحر الشديد تدريجياً، ويبدأ الليل في التمدد مقارنة بالنهار. ومع أن الحرارة ما زالت مرتفعة، فإن ملامح الطقس الخريفي تبدأ بالظهور تدريجيًا. ويعتبر سكان المناطق الصحراوية وبدو الجزيرة العربية الزبرة فترةً للتحضير للتغيرات الموسمية، حيث يقومون بتكييف نشاطاتهم اليومية حسب درجات الحرارة وتوافر الموارد المائية.
الدلالات الفلكية
من الناحية الفلكية، يعتبر موقع القمر في منزلة الزبرة دليلاً على اقتراب دخول فصل الخريف، حيث يكون القمر في هذا الموقع بمثابة مؤشر لبداية انتهاء الصيف وبداية موسم البرودة الخفيفة. ولطالما اعتمد العرب على رصد هذه المنزلة لتحديد التقلبات الموسمية، حيث كانوا ينظرون إلى المنازل القمرية كوسيلة لفهم الدورة الزمنية للعام وتحديد الأوقات المناسبة لمختلف النشاطات الحياتية.
الحياة الاجتماعية في فترة الزبرة
قديماً، كان السكان يعتبرون هذه الفترة مناسبة للقيام ببعض الطقوس الاجتماعية، مثل تجمعات الحصاد واحتفالات جني المحاصيل. وكانت هذه الفترة تشكل فرصة لتبادل الخبرات الزراعية والاستعداد للمواسم القادمة. كما أن هذه المنزلة تعد فترة للاهتمام بالماشية وتحضيرها لتبدلات الطقس المقبلة، حيث يقومون بتأمين أماكن مناسبة للحيوانات لتجنب أي تقلبات محتملة في درجات الحرارة.
في الأدب والشعر
ذكر الشعراء العرب منازل القمر في قصائدهم وأشعارهم، وغالبًا ما كانت منزلة الزبرة رمزًا للقوة والشدة، وذلك لما تحمله من معنى الحزم وربما لأن الجو فيها يكون قاسيًا إلى حد ما. وقد استخدمت الزبرة في الشعر العربي لوصف الشجاعة والتحمل، وكثيرًا ما قورنت بجمال وقوة الشمس الحارقة وأهمية الاستعداد للتغيرات المقبلة.
التوقعات المرتبطة بالزبرة
كانت منازل القمر، بما فيها الزبرة، تستخدم كنوع من التنبؤات الشعبية، حيث كان العرب يعتقدون أن التغيرات التي تطرأ في هذه الفترات تعكس حالات معينة من الحظ والرزق.