s

٧.منزله الذراع القمريه

المنزلة القمرية الذراع

في علم الفلك العربي القديم، يُعد القمر رمزًا مهمًا للحسابات الزمنية والتغيرات الموسمية، إذ يقسم الفلكيون دورته الشهرية إلى ثمانية وعشرين منزلة قمرية، تبدأ من منزلة “الشرطان” وتنتهي بمنزلة “الرشا”. وتعتبر كل منزلة موقعًا فلكيًا يعبره القمر خلال يوم واحد تقريبًا، مما يجعل كل منزلة بمثابة محطة ضمن دورة القمر حول الأرض. إحدى هذه المنازل هي “منزلة الذراع”، التي تأتي ضمن الثلث الثاني من منازل القمر، وتعد منزلة هامة في التقويم الفلكي العربي.

موقع منزلة الذراع في السماء

تُعد منزلة الذراع المنزلة الرابعة عشرة من منازل القمر، وتقع بين منزلة “النثرة” ومنزلة “النعايم”. وتُعرف منزلة الذراع بموقعها ضمن كوكبة “الجوزاء” (أو التوأمان)، حيث تتألف من نجمين رئيسيين هما “ألمع الذراع” و”أضعف الذراع”. يُلاحظ أن هذه المنزلة تقع في السماء الشمالية، ويمكن رؤيتها بوضوح خلال الليل، خاصة في المواسم التي يبرز فيها القمر في كبد السماء.

التسمية وأصلها

سُمّيت “الذراع” بهذا الاسم نسبة إلى ما يوحي به منظرها، حيث تشبه هيئة الذراع الممدودة في السماء. وهي تُعد واحدة من التسميات العربية التي كانت تُستخدم كعلامةٍ للانتقال الزمني وتغير الظروف البيئية، حيث كان الأجداد ينظرون إليها كإشارة لمرحلة معينة في السنة الزراعية.

علاقة منزلة الذراع بالطقس والزراعة

في التراث العربي، ترتبط منزلة الذراع بتغيرات مناخية ملحوظة، حيث تأتي في فترة انتقالية بين فصلي الخريف والشتاء في الجزيرة العربية. ويكون الجو خلال هذه الفترة باردًا بشكل ملحوظ، وتبدأ الرياح الباردة بالنشاط، وتزداد فرص هطول الأمطار في بعض المناطق، مما يُسهم في إحياء الأرض ويزيد من فرص نمو النباتات الموسمية.

كان الفلاحون في المناطق الزراعية القديمة يعتمدون على هذه المنزلة كإشارة للبدء في زراعة بعض المحاصيل الموسمية، خاصة تلك التي تحتاج إلى برودة الشتاء لتنمو بشكل جيد، مثل الحبوب والبقوليات. وكانوا يرون في هذه الفترة من السنة مناسبة لتحضير الأرض والبذور لبدء دورة زراعية جديدة، حيث تُعَد الذراع بداية للخير والعطاء في الطبيعة.

منزلة الذراع في الثقافة العربية

لم تقتصر أهمية منزلة الذراع على الزراعة والطقس فقط، بل كانت لها أبعاد ثقافية وشعرية، حيث استخدمها الشعراء والأدباء كرمز للبرد والانتقال بين الفصول، ومجاز للتغيرات التي تطرأ على الحياة. كما كانت بعض القبائل تستخدمها لتحديد فترات السفر أو الصيد، بناءً على ظروف الطقس المرتبطة بها.

تأثير منزلة الذراع في حساب المواسم

تُمثل الذراع جزءًا من الدورة الفلكية السنوية التي اعتمدها العرب قديمًا لتحديد التقويم الزراعي، حيث تمثل هذه المنازل علامات فارقة في حساباتهم للتغيرات المناخية والمواسم. ومع مرور الزمن، أسهمت هذه المعرفة في تطوير علم الفلك وتقويم الزراعة بما يتوافق مع الظروف الطبيعية، ولا يزال لهذا التراث الفلكي مكانة في بعض الثقافات العربية التقليدية حتى اليوم.

الخاتمة

تُعتبر منزلة الذراع منازل القمرية البارزة في الفلك العربي، وقد ارتبطت بفهم الناس للطقس والزراعة والحياة. ويعكس اهتمام العرب القدماء بهذه المنازل قدرًا كبيرًا من المعرفة البيئية والفلكية التي ساعدتهم على التكيف مع بيئتهم وتنظيم حياتهم، وهي إرث فلكي غني يعكس تواصل الإنسان مع الكون وفهمه الدقيق لعلاقة الأرض بالسماء.