s

٩.منزله الطرفه القمريه

المنزلة القمرية التاسعة تُعرف باسم “الطرفة”، وهي جزء من التقويم القمري العربي القديم، الذي يقسم الدورة الشهرية للقمر إلى 28 منزلة، لكل منزلة خصائصها وتأثيراتها على الطقس والزراعة وأمور الحياة اليومية. يأتي دور الطرفة ضمن هذه المنازل، وتُعتبر منازل القمر بمثابة دليل شهري متجدد يعتمد عليه الناس قديمًا لتحديد أوقات الزراعة ومعرفة التقلبات المناخية.

ماهي منزلة الطرفة؟

الطرفة هي المنزلة التاسعة ضمن سلسلة المنازل القمرية، وتقع تحديدًا في مجموعة النجوم التي ترتبط بكوكبة الثور. يرى العرب القدماء أن مرور القمر عبر هذه النجوم يشير إلى فترة معينة من السنة تتسم بتغيرات مناخية تؤثر على البيئة والطبيعة، مما يجعلهم يستفيدون من هذه الفترة في مختلف شؤونهم.

وقت دخول الطرفة ومدة بقائها

تبدأ منزلة الطرفة في أواخر شهر أغسطس وتستمر حتى بداية سبتمبر، وتدوم عادةً حوالي 13 يومًا. يتزامن وقت دخولها مع بداية انخفاض درجات الحرارة تدريجيًا بعد حرّ الصيف، وتعتبر الطرفة إشارة لبداية موسم أكثر اعتدالًا، حيث يبدأ الناس يشعرون بأولى نسائم البرودة في الليل.

مميزات الطرفة وأهميتها

1. التغيرات المناخية: تُعتبر الطرفة مرحلة انتقالية بين الصيف والخريف، حيث يطرأ انخفاض تدريجي في درجات الحرارة، وخاصة في ساعات الليل، مما يجعل الأجواء أكثر اعتدالًا.

2. الزراعة: وفقًا للتقويم الزراعي القديم، تعتبر الطرفة وقتًا مناسبًا لزراعة بعض المحاصيل الشتوية مثل القمح والشعير؛ حيث يستفيد المزارعون من الاعتدال النسبي للطقس، مما يساعد على إنبات المحاصيل بنجاح.

3. الحياة البرية والهجرة: يبدأ بعض الحيوانات والطيور في الاستعداد للهجرة مع قدوم الطرفة، حيث تدل هذه المنزلة على اقتراب فصل الخريف، مما يؤثر على سلوكيات الطيور المهاجرة وبعض الكائنات البرية الأخرى التي تتحاشى حر الصيف الشديد.

4. الفلك والأرصاد: تُعد الطرفة منازل قمرية يعتمد عليها علماء الفلك والهواة في مراقبة حركة النجوم ورصد القمر، وقد كانت منازل القمر وسيلة قديمة لتحديد الأوقات ولإدراك فصول السنة من خلال التغيرات التي تحدث في المناخ والمواسم.

الطرفة في التراث الشعبي

لعبت الطرفة، كغيرها من منازل القمر، دورًا بارزًا في التراث الشعبي العربي. فقد ارتبطت بأمثال وأقوال تعكس تغير المناخ وملامح الموسم، وكان الناس يستخدمون هذه المنازل كإشارات طبيعية لتنظيم أنشطتهم المختلفة. كما كانت الطرفة تُعتبر جزءًا من المعرفة الشعبية المتوارثة التي اعتمد عليها الأجداد في تقدير المواسم وأوقات الزراعة والأنشطة اليومية.

الخلاصة

تشكل الطرفة، المنزلة القمرية التاسعة، جزءًا من التراث الفلكي العربي المرتبط بالحياة اليومية، فهي دليل شهري يوجه الناس لتوقع التغيرات المناخية والتحضير لأعمال الزراعة والحياة الموسمية. تكشف الطرفة عن فطنة الإنسان القديم وارتباطه بالطبيعة، واعتماده على هذه المنازل القمرية كمؤشر للتفاعل مع الكون، وحرصه على فهم العالم المحيط به.