s

١٧.منزله الاكليل القمريه

المنزلة القمرية السابعة عشر تُعرف باسم الإكليل، وهي جزء من منازل القمر الثمانية والعشرين التي اعتمد عليها العرب قديمًا في تتبع حركة القمر عبر السماء. كان لهذه المنازل دور هام في تنظيم الأنشطة الزراعية والرعوية وتحديد الأوقات المناسبة لأعمال مختلفة. تشير الإكليل إلى مجموعة نجمية تشبه شكل الإكليل أو التاج، وتقع ضمن برج العقرب، مما يضفي على هذه المنزلة خصائص معينة خاصة بها.

1. تحديد الموقع والوقت

الإكليل هي المنزلة السابعة عشرة من منازل القمر، وتقع في برج العقرب بين 24 و36 درجة منه. عندما يمر القمر بهذه المنطقة من السماء، يبدأ الناس بتحديد دخول فترة الإكليل التي تستمر لمدة يوم تقريبًا في كل شهر قمري، وتعود لتتكرر مرة أخرى في الشهر التالي.

التوقيت الموسمي

غالبًا ما ترتبط فترة الإكليل مع بدايات شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، وتكون وقتًا يشهد فيه الجو تحولاً بارزًا نحو البرودة، خاصة في المناطق ذات المناخ المعتدل. تعتبر الإكليل من المنزلة التي تُنذر بدخول الشتاء، حيث تصبح الليالي باردة بشكل ملحوظ، وتتزايد احتمالية سقوط الأمطار.

2. الخصائص الجوية لمنازلة الإكليل

الإكليل هي فترة تتسم بتغيرات مناخية واضحة؛ حيث تشتد الرياح الباردة وتكثر السحب. في هذه المنزلة، يميل الطقس إلى البرودة الواضحة، وقد تبدأ الأمطار بالهطول في العديد من المناطق، مما يعطي إشارة قوية لبداية موسم الشتاء. كما تعتبر الإكليل بداية فترة تأهب للمزارعين، كونها فترة انتقالية تُمهّد لدخول الشتاء.

3. تأثير الإكليل على الزراعة والأنشطة الزراعية

كان العرب يعتمدون على الإكليل لمعرفة التوقيت المناسب لأعمالهم الزراعية، حيث تُعتبر هذه الفترة مناسبة للقيام بأعمال معينة مثل:

الحرث: يُعتبر الوقت مثاليًا للبدء بحرث الأراضي استعدادًا لزراعة المحاصيل الشتوية.

غرس الأشجار: خاصة الأشجار المثمرة كالزيتون والرمان، إذ يُعتقد أن غرس الأشجار في هذا الوقت يساعدها على النمو بشكل أفضل خلال الشتاء.

حصاد المحاصيل المتأخرة: تكون الفترة مثالية لحصاد بعض المحاصيل التي تأخرت، مثل بعض أنواع الحبوب والخضروات التي تُحصد قبل قدوم البرد الشديد.

4. الإكليل في الثقافة الشعبية

تحمل الإكليل مجموعة من الأمثال والحكم الشعبية التي تصف خصائصها الجوية، حيث تُعتبر هذه الأمثال جزءًا من تراث العرب في تفسير الأحوال المناخية والطقس. من هذه الأمثال:

“إذا دخل الإكليل هاجت الرياح وجف النخيل”، وهذا يعكس بداية موسم الرياح الباردة وجفاف بعض النباتات التي تُعاني من برودة الجو.

“الإكليل يزيد ليل ويزيد برد”، حيث تشير العبارة إلى زيادة طول الليل وزيادة البرودة مع دخول هذه المنزلة.

“الإكليل يعقّد الشتا ويقلّل الفراش”، بمعنى أن الإكليل يمثل بداية الشتاء الفعلي مما يقلل من الخروج في الليل ويتطلب التجهيز للفراش الثقيل.

5. استخدام الإكليل في الفلك التقليدي

الإكليل كانت واحدة من الأدوات الفلكية المستخدمة في تقويم العرب القدماء، حيث كانت تشير إلى نقطة زمنية واضحة من السنة، مما يساعدهم على تنظيم حياتهم بشكل متناسق مع الطبيعة. وكانت هذه المنزلة تُعتبر تنبيهًا واضحًا على اقتراب الشتاء، فكان المزارعون والرعاة والصيادون يضبطون أنشطتهم بناءً على هذه الفترة.

6. أهمية الإكليل في الفلك الإسلامي

في الفلك الإسلامي، مثل الإكليل جزءاً من منظومة فلكية دقيقة تهدف إلى توجيه الناس لأوقات الصلاة، ومعرفة بداية الأشهر القمرية والمواسم. حيث أن تتبع هذه المنازل القمرية يتيح وسيلةً لتقسيم السنة إلى فترات دقيقة تعكس التغيرات الموسمية والطقسية التي قد تختلف قليلاً من منطقة إلى أخرى.

باختصار، تمثل الإكليل منزلة قمرية هامة تتسم بخصائص مناخية مرتبطة بزيادة البرودة وتغير الطقس. هذه الخصائص تجعل منها مؤشرًا لدخول فصل الشتاء وتهيئة الأرض والزراعة للموسم البارد، مما يعكس عبقرية العرب القدماء في استغلال حركة القمر لتنظيم حياتهم ومعرفة التحولات الجوية.